هل الله خيّر؟
>
> كان ذلك عنوان لمحاضرة بروفيسور علم الفلسفة ( الملحد )
> في جامعة أكسفورد،
> حيث وقف أمام فصله وطلب من أحد طلبته المستجدين أن يقف
>
> البروفيسور : أنت مسلم، أليس كذلك يا بني؟
>
> الطالب المسلم: نعم، يا سيدي
>
> البروفيسور: لذلك فأنت تؤمن بالله؟
>
> الطالب المسلم: تماماً
>
> البروفيسور : هل الله خيّر؟ ( من الخير وهو عكس الشر )
>
> الطالب المسلم : بالتأكيد! الله خيّر
>
> البروفيسور : هل الله واسع القدرة؟ أعني هل يمكن لله أن
> يعمل أي شيء؟
>
> الطالب المسلم : نعم
>
> البروفيسور : هل أنت خيّر أم شرير؟
>
> الطالب المسلم: القرآن يقول بأنني شرير
>
> يبتسم البروفيسور إبتسامة ذات مغزى
>
> البروفيسور : أه!! الـقــرآن
>
> يفكر البروفيسور للحظات
>
> البروفيسور: هذا سؤال لك، دعنا نقول أنّ هناك شخص مريض
> هنا و يمكنك أن
> تعالجه وأنت في استطاعتك أن تفعل ذلك، هل تساعده؟ هل
> تحاول ذلك؟
>
> الطالب المسلم: نعم سيدي، سوف أفعل
>
> إذًا أنت خيّر !!البروفيسور:
>
> الطالب المسلم : لا يمكنني قول ذلك
>
> البروفيسور: لماذا لا يمكنك أن تقول ذلك؟ أنت سوف
> تساعد شخص مريض ومعاق
> عندما يستطيع ( في الحقيقة معظمنا سيفعل ذلك إن إستطاع )
> لكن الله لا يفعل ذلك
>
>
> الطالب المسلم: لا إجابة
>
> البروفيسور : كيف يمكن لهذا الإله أن يكون خيّر؟
> هممم..؟ هل يمكن أن تجيب
> على ذلك ؟
>
> الطالب المسلم: لا إجابة أيضًا
>
> الرجل العجوز بدأ يتعاطف مع الطالب المسلم
>
> البروفيسور:لا تستطيع، أليس كذلك؟
>
> يأخذ البروفيسور رشفه ماء من كوب على مكتبه لإعطاء
> الطالب وقتاً للإسترخاء،
> ففي علم الفلسفة، يجب عليك أن تتأنى مع المستجدين
>
> البروفيسور : دعنا نبدأ من جديد أيها الشاب
>
> البروفيسور:هل الله خيّر؟
>
> الطالب المسلم: نعم متمتمًا
>
> البروفيسور: هل الشيّطان خيّر؟
>
> الطالب المسلم : لا
>
> البروفيسور: من أين أتى الشيّطان؟
>
> الطالب المسلم: من... الله.. متلعثمًا
>
> البروفيسور : هذا صحيح، الله خلق الشيّطان، أليس كذلك؟
>
> يمرر الرجل العجوز أصابعه النحيلة خلال شعره الخفيف
> ويستدير لجمهور الطلبة
> متكلفي الابتسامة
>
> البروفيسور: أعتقد أننا سنحصل على الكثير من المتعة في
> هذا الفصل الدراسي
> سيداتي و سادتي
>
> ثم يلتفت للطالب المسلم
>
> البروفيسور:أخبرني يا بني، هل هناك شّر في هذا
> العالم؟
>
> الطالب المسلم : نعم، سيدي
>
> البروفيسور: الشّر في كل مكان، أليس كذلك؟ هل خلق الله
> كل شيء؟
>
> الطالب المسلم : نعم
>
> البروفيسور: من خلق الشّر؟
>
> الطالب المسلم : لا إجابة
>
> البروفيسور : هل هناك أمراض في هذا العالم؟ فسق و فجور؟
> بغضاء؟ قبح؟ كل
> الأشياء الفظيعة، هل تتواجد في هذا العالم؟
>
> الطالب المسلم: نعم وهو يتلوى على أقدامه
>
> البروفيسور : من خلق هذه الأشياء الفظيعة؟
>
> الطالب المسلم : لا إجابة
>
> يصيح الأستاذ فجأةً في الطالب المسلم
>
> البروفيسور : من الذي خلقها؟ أخبرني
>
> بدأ يتغير وجه الطالب المسلم
>
> البروفيسور بصوت منخفض: الله خلق كل الشرور، أليس كذلك
> يا بني؟
>
> الطالب المسلم: لا إجابة
>
> الطالب يحاول أن يتمسك بالنظرة الثابتة والخبيرة ولكنه
> يفشل في ذلك
>
> فجأة المحاضر يبتعد متهاديًا إلى واجهة الفصل كالفهد
> المسن، والفصل كله مبهور
> البروفيسور: أخبرني، كيف يمكن أن يكون هذا الإله
> خيّرًا إذا كان هو الذي
> خلق كل الشرور في جميع الأزمان؟
>
> البروفيسور يشيح بأذرعه حوله للدلالة على شمولية شرور
> العالم
>
> البروفيسور : كل الكره، الوحشية، الآلام، التعذيب،
> الموت، القبح، المعاناة،
> التي خلقها هذا الإله موجودة في جميع أنحاء العالم، أليس
> كذلك أيها الشاب؟
>
> الطالب المسلم: لا إجابة
>
> البروفيسور : ألا تراها في كلّ مكان؟ هه؟
>
> البروفيسور يتوقّف لبرهة
>
> البروفيسور: هل تراها؟
>
> البروفيسور يحني رأسه في إتجاه وجه الطالب ثانيةً ويهمس
>
> البروفيسور: هل الله خيّر؟
>
> الطالب المسلم : لا إجابة
>
> البروفيسور : هل تؤمن بالله يا بني؟
>
> صوت الطالب يخونه و يتحشرج في حلقه
>
> الطالب المسلم: نعم يا بروفيسور، أنا أؤمن
>
> يهز الرجل العجوز رأسه بحزن نافياً
> البروفيسور : يقول العلم أن لديك خمس حواس تستعملها
> لتتعرف و تلاحظ العالم
> من حولك، أليس كذلك؟
>
> البروفيسور: هل رأيت الله
>
> الطالب المسلم: لا يا سيدي لم أره أبداً
>
> البروفيسور: إذًا أخبرنا إذا ما كنت قد سمعت إلاهك؟
>
> الطالب المسلم: لا يا سيدي، لم يحدث
>
> البروفيسور : هل سبق وشعرت بإلاهك؟ تذوقت إلهك؟ أو شممت
> إلهك فعلياً؟ هل
> لديك أيّ إدراك حسّي لإلهك من أي نوع؟
>
> الطالب المسلم : لا إجابة
>
> البروفيسور: أجبني من فضلك
>
> الطالب المسلم: لا يا سيدي، يؤسفني أنه لا يوجد لدي
>
> البروفيسور : يؤسفك أنه لا يوجد لديك؟
>
> الطالب المسلم: لا يا سيدي
>
> البروفيسور : ولا زلت تؤمن به؟
>
> الطالب المسلم:نعم
>
> البروفيسور : هذا يحتاج لإخلاص !
>
> البروفيسور يبتسم بحكمة للطالب المسلم
>
> البروفيسور : طبقاً لقانون التجريب والإختبار وبروتوكول
> علم ما يمكن إثباته
> يمكننا أن نقول بأن إلهك غير موجود، ماذا تقول في ذلك يا
> بني؟
>
> البروفيسور : أين إلاهك الآن؟
>
> الطالب المسلم: لا إجابة
>
> البروفيسور: إجلس من فضلك
>
> يجلس الطالب المسلم مهزومًا
>
> مسلم أخر يرفع يده: بروفيسور، هل يمكنني أن أتحدث للفصل؟
>
> البروفيسور يستدير و يبتسم
>
> البروفيسور: أه مسلم أخر في الطليعة! هيا هيا أيها
> الشاب، تحدث ببعض الحكمة
> المناسبة في هذا الاجتماع
>
> يلقي المسلم نظرة حول الغرفة
>
> الطالب المسلم: لقد أثرت بعض النقاط الممتعة يا سيدي،
> والآن لدي سؤال لك
>
> الطالب المسلم : هل هناك شيء إسمه الحرارة؟
>
> البروفيسور : هناك حرارة
>
> الطالب المسلم : هل هناك شيء إسمه البرودة؟
>
> البروفيسور : نعم يا بني يوجد برودة أيضاً
>
> الطالب المسلم : لا يا سيدي لا يوجد
>
> إبتسامة البروفيسور تجمدت، وفجأة الغرفة أصبحت باردة جدا
>
> الطالب المسلم: يمكنك الحصول على الكثير من الحرارة،
> حرارة عظيمة، حرارة
> ضخمة، حرارة لدرجة إنصهار المعادن، حرارة بسيطة، أو لا
> حرارة على الإطلاق،
> ولكن ليس لدينا شيء يدعى البرودة فيمكن أن نصل حتى 458
> درجة تحت الصفر، وهي
> ليست ساخنة، لكننا لن نستطيع تخطي ذلك، لا يوجد شيء إسمه
> البرودة، وإلا لتمكنا
> من أن نصل لأبرد من 458 تحت الصفر، يا سيدي البرودة هي
> فقط كلمة نستعملها لوصف
> حالة غياب الحرارة، فنحن لا نستطيع قياس البرودة، أما
> الحرارة يمكننا قياسها
> بالوحدات الحرارية لأن الحرارة هي الطاقة، البرودة ليست
> عكس الحرارة يا سيدي،
> إن البرودة هي فقط حالة غياب الحرارة
>
> سكوت في الفصل، دبوس يسقط في مكان ما
>
> الطالب المسلم : هل يوجد شيء إسمه الظلام يا بروفيسور؟
>
> البروفيسور: نعم
>
> الطالب المسلم :أنت مخطئ مرة أخرى يا سيدي، الظلام ليس
> شيئا محسوساً، إنها
> حالة غياب شيء أخر، يمكنك الحصول على ضوء منخفض، ضوء
> عادي، ضوء مضيء، بريق
> الضوء، ولكن إذا كان لا يوجد لديك ضوء مستمر فإنه لا
> يوجد لديك شيء، وهذا يدعى
> الظلام، أليس كذلك؟ هذا هو المعنى الذي نستعمله لتعريف
> الكلمة، في الواقع،
> الظلام غير ذلك، و لو أنه صحيح لكان بإمكانك أن تجعل
> الظلام مظلما أكثر وأن
> تعطيني برطمان منه، هل تستطيع أن تعطيني برطمان من ظلام
> مظلم يابروفيسور؟
>
> مستحقراً نفسه، البروفيسور يبتسم لوقاحة الشاب أمامه
>
> البروفيسور:هذا بالفعل سيكون فصلا دراسيا جيداً
>
> البروفيسور: هل تمانع إخبارنا ما هي نقطتك يا فتى؟
>
> الطالب المسلم : نعم يا بروفيسور، نقطتي هي، إن افتراضك
> الفلسفي فاسد
> كبدايةً ولذلك يجب أن يكون استنتاجك خاطئ
>
> تسمّم البروفيسور
>
> البروفيسور : فاسد؟ كيف تتجرأ؟!
>
> الطالب المسلم: سيدي، هل لي أن أشرح ماذا أقصد؟
>
> الفصل كله أذان صاغية
>
> البروفيسور : تشرح... أه أشرح
>
> البروفيسور يبذل مجهودا جبارًا لكي يستمر تحكمه ( طبعا
> لو أن البروفيسور كان
> عربيًا لطرده من القاعة، وربما من الجامعة )
>
> فجأة يلوّح البروفيسور بيده لإسكات الفصل كي يستمر
> الطالب
>
> الطالب المسلم : أنت تعمل على إفتراض المنطقية الثنائية
>
> الطالب المسلم : ذلك على سبيل المثال أن هناك حياة و من
> ثم هناك ممات، إله
> خيّر وإله سيئ، أنت ترى أن مفهوم الله شيء ما محدود و
> محسوس، شيء يمكننا
> قياسه، سيدي إن العلم نفسه لا يمكنه حتى شرح فكرة إنه
> يستعمل الكهرباء
> والمغناطيسية فهي لم تُـر أبداً، رغم ذلك فهم يفهمونها
> تمامًا، إن رؤية الموت
> كحالة معاكسة للحياة هو جهل بحقيقة أن الموت لا يمكن أن
> يتواجد كشيء محسوس،
> الموت ليس العكس من الحياة، بل هو غيابها فحسب
>
> الطالب المسلم يرفع عاليًا صحيفة أخذها من طاولة جاره
> الذي كان يقرأها
>
> الطالب المسلم: هذه أحد أكثر صحف الفضائح إباحية التي
> تستضيفها هذه البلاد،
> يا بروفيسور هل هناك شيء إسمه الفسق والفجور؟
>
> البروفيسور:بالطبع يوجد، أنظر
>
> قاطعه الطالب المسلم
>
> الطالب المسلم : خطأ مرة أخرى يا سيدي، الفسق و الفجور
> هو غياب للمبادئ
> الأخلاقية فحسب، هل هناك شيء إسمه الظُـلّم؟ لا، الظلّم
> هو غياب العدل، هل
> هناك شيء إسمه الشرّ؟
>
> الطالب المسلم يتوقف لبرهة
>
> الطالب المسلم : أليس الشر هو غياب الخير؟
>
> إكتسى وجه البروفيسور باللون الأحمر وهو غاضب جدًا وغير
> قادر على التحدث
>
> الطالب المسلم : إذًا يوجد شرور في العالم يا بروفيسور،
> وجميعنا متفقون على
> أنه يوجد شرور، ثم أن الله إذا كان موجوداً فهو
>
> أنجز عملاً من خلال توكيله للشرور، ما هو العمل الذي
> أنجزه الله؟ القرآن
> يخبرنا أنه ليرى إذا ما كان كل فرد منا وبكامل حريته
> الشخصية سوف يختار الخير
> أم الشرّ
>
> اُلجم البروفيسور
>
> البروفيسور : كعالم فلسفي لا أتصور هذه المسألة لها دخل
> في اختياري، كواقعي
> أنا بالتأكيد لا أتعرف على مفهوم الله أو أي عامل لاهوتي
> آخر ككونه جزء من هذه
> المعادلة العالمية لأن الله غير مرئي و لا يمكن مشاهدته
>
> الطالب المسلم : كان يمكن أن أفكر أن غياب قانون الله
> الأخلاقي في هذا
> العالم هو ربما أحد أكثر الظواهر ملاحظة
>
> الطالب المسلم : الجرائد تجمع بلايين الدولارات من
> إصدارها أسبوعيًا،
> أخبرني يا بروفيسور هل تدرسّ تلاميذك أنهم تطوروا من
> قرد؟
>
> البروفيسور: إذا كنت تقصد العملية الإرتقائية الطبيعية
> يا فتى، فنعم أنا أدرس ذلك
>
> الطالب المسلم: هل سبق وأن رأيت هذا التطوّر بعينك
> الخاصة يا سيدي؟
>
> يعمل البروفيسور صوت رشف بأسنانه و يحدق بتلميذه تحديقا
> صامتا متحجراً
>
> الطالب المسلم : برفيسور، بما أنه لم يسبق لأحد أن رأى
> عملية التطوّر هذه
> فعلياً من قبل ولا يمكن حتى إثبات أن هذه العملية تتم
> بشكل مستمر، فهي غير
> موجودة إذًا، ألست تدرسّ آرائك يا سيدي؟ إذا فأنت لست
> بعالم و إنما قسيس؟
>
> الطالب المسلم : إذًا أنت لا تقبل قانون الله الأخلاقي
> لعمل ما هو صحيح و
> في محله؟
>
> البروفيسور : أنا أؤمن بالموجود، وهذا هو العلم !
>
> الطالب المسلم : أه العلم !
>
> وجه الطالب ينقسم بابتسامة
>
> الطالب المسلم : سيدي، ذكرت بشكل صحيح أن العلم هو
> دراسة الظواهر المرئية،
> والعلم أيضاً هو فرضيات فاسدة
>
> البروفيسور : العلم فاسد؟ !!
>
> البروفيسور متضجراً
>
> الفصل بدأ يصدر ضجيجاً، توقف التلميذ المسلم إلى أن هدأ
> الضجيج
>
> الطالب المسلم : لتكملة النقطة التي كنت أشرحها لباقي
> التلاميذ، هل يمكن لي
> أن أعطي مثالاً لما أعنيه؟
>
> البروفيسور بقي صامتا بحكمة، المسلم يلقي نظرة حول الفصل
>
> الطالب المسلم : هل يوجد أحد من الموجدين بالفصل سبق له
> وأن رأى عقل البروفيسور؟
> إندلعت الضحكات بالفصل
>
> التلميذ المسلم أشار إلى أستاذه العجوز المتهاوي
>
> الطالب المسلم : هل يوجد أحد هنا سبق له و أن سمع عقل
> البروفيسور، لمس بعقل
> البروفيسور, تذوق او شمّ او رأى عقل البروفيسور؟
>
> يبدو أنه لا يوجد أحد قد فعل ذلك، حسناً، طبقاً لقانون
> التجريب، والاختبار
> وبروتوكول علم ما يمكن إثباته، فإنني أعلن أن هذا
> البروفيسور لا عقل له
>
> الفصل تعمّه الفوضى
>
> التلميذ المسلم يجلس، البروفيسور لم يتفوه بكلمة.>
> لا أله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمينا